العدالة في مفترق الطرق؟ المحكمة الجنائية الدولية تراقب الوضع في غينيا عن كثب

غادر نائب المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية، مام ماندياي نيانغ، العاصمة كوناكري يوم 21 مايو بعد زيارة رسمية دامت ثلاثة أيام، هي الرابعة من نوعها، وسط تصاعد الجدل القانوني والسياسي إثر منح العفو الرئاسي للرئيس السابق موسى دديس كمارا، المدان بالسجن 20 سنة لدوره في مجازر 28 سبتمبر 2009.

زيارة نيانغ جاءت في لحظة دقيقة من تاريخ العدالة الغينية. فقد أحدث قرار الإفراج عن داديس كمارا صدمة لدى الرأي العام الوطني والدولي، خاصة في أوساط الضحايا وعائلاتهم. "الضحايا يشعرون بالخذلان"، صرّح نيانغ بلهجة تنمّ عن قلق عميق حيال مصير العدالة في البلاد.

خلال مهمته، التقى نيانغ بالعديد من المسؤولين الغينيين، بينهم رئيس الوزراء أمادو أوري باه ووزير العدل يحيى خيرابا كابا، إلى جانب ممثلين عن المجتمع المدني والأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي. إلا أن اللقاء الأهم كان مع الناجين وأهالي الضحايا الذين لا يزالون بعد 15 سنة من المجزرة، يطالبون بتحقيق العدالة الكاملة دون مساومات.

وفي تصريحات قوية، حذّر نائب المدعي العام من أن قرار العفو قد يقوّض التقدّم المحرز في محاربة الإفلات من العقاب، مؤكداً أن مرتكبي الجرائم ضد الإنسانية لا يجب أن يستفيدوا من الامتيازات السياسية. وقال: "هذه الخطوة قد ترسل إشارة خاطئة وتتناقض مع الالتزامات الدولية التي قطعتها غينيا".

ومع ذلك، لم يُخفِ نيانغ بعض التفاؤل، مشيدًا بمواصلة المحاكمة على مستوى الاستئناف وصدور مرسوم رئاسي بشأن تعويضات الضحايا، معتبراً إياه مؤشراً على استمرار الدولة في السعي لتحقيق العدالة.

في كلماته التي اتسمت بالحزم والهدوء، شدد نيانغ على أن "جرائم 28 سبتمبر لن تُنسى"، مشيرًا إلى أن مكتبه سيبقى نشطًا في مرافقة السلطات الغينية، بما في ذلك تقديم الدعم الفني وتبادل الأرشيفات اللازمة للمضي قدمًا في القضايا.

رسالة نيانغ كانت واضحة: العدالة ليست منحة بل حق، وعلى الرغم من العواصف السياسية، تبقى غينيا شريكًا أساسيًا للمحكمة الجنائية الدولية في معركة الحقيقة والذاكرة.

تصنيف الخبر

محلية ، قانونية