شركة "شالكو غينيا" نموذج للتنمية المستدامة والشراكة الفعالة بين غينيا والصين

في قلب منطقة بوكى، وعلى بعد حوالي 150 كيلومترًا شمال غرب العاصمة كوناكري، تبرز شركة "شالكو غينيا" (فرع مجموعة "تشاينالكو" الصينية) كنموذج ناجح للتعاون الدولي في مجال التعدين، وتحديدًا في استغلال خام البوكسيت. فمنذ انطلاق أنشطتها في 8 يونيو 2018، استطاعت الشركة أن ترسخ مكانتها كمحرك رئيسي للتنمية المحلية، وتُحدث تأثيرًا إيجابيًا ملموسًا على البيئة والمجتمع المحلي والاقتصاد الغيني.

يمتد مشروع "شالكو" على منطقتين رئيسيتين: "بوفا شمال" و"بوفا جنوب"، ويُعد جزءًا محوريًا من مبادرة "الحزام والطريق" الصينية. يضم المشروع مجموعة متكاملة من البنى التحتية الصناعية تشمل منطقة تعدين، نظام نقل عبر حزام ناقل مغلق جزئيًا بطول 23 كيلومترًا، منشآت تخزين، محطة طاقة، نظام كهربائي، وميناء للتصدير عبر نهر "ريو بونغو".

وقد ساهمت هذه البنية المتطورة في رفع قدرة التصدير السنوية إلى 12 مليون طن من البوكسيت، موفرة بذلك 903 فرصة عمل مباشرة، منها 658 لمواطنين غينيين.

اعتمدت الشركة تدابير صارمة للحد من تأثيراتها البيئية، أبرزها بناء سدود للحد من الفيضانات، واستخدام شاحنات رش للمياه للحد من الغبار خلال الموسم الجاف. كما أطلقت نظام الحزام الناقل شبه المغلق للحد من انبعاث الغبار أثناء نقل الخام، وهو ابتكار يُعد الأول من نوعه في قطاع التعدين الغيني.

أما النفايات الصناعية، مثل التربة السطحية والزيوت المستعملة وقطع الغيار، فيتم جمعها وإعادة تدويرها وفقًا للمعايير البيئية الدولية. كما شرعت الشركة في إعادة تأهيل المواقع المستغلة، ومنها إعادة تشجير مقلع "كاريري 3"، استعدادًا لإطلاق برنامج واسع للتشجير يشمل مناطق جديدة.

تؤمن "شالكو" بأن التنمية لا تكتمل دون إشراك المجتمعات المحلية. ولهذا، نفذت الشركة عددًا كبيرًا من المشاريع التنموية في مناطق تدخلها، شملت بناء مدارس ومساجد ومراكز صحية، وتأهيل مقرات إدارية، وحفر آبار مياه في أكثر من 20 قرية.

كما ساهمت في بناء وتجديد 9 جسور و15 طريقًا ريفيًا، وأقامت ملاعب رياضية لدعم التماسك الاجتماعي، بالإضافة إلى تزويد المنطقة بمولدات كهربائية ومعدات ثقيلة لخدمة مشاريع البنية التحتية.

أولت "شالكو" اهتمامًا خاصًا بالقطاع الزراعي، حيث أنشأت ست قواعد زراعية في قرى مجاورة لمواقعها، ووسعت نطاق هذه المبادرة في عام 2025 لتشمل ثلاث قرى إضافية. وزودت المزارعين المحليين بالأدوات الزراعية والبذور والأسمدة، بالإضافة إلى تنظيم أكثر من 30 دورة تدريبية فنية بالتعاون مع مديرية الزراعة في بوفا، ما ساهم في تحسين إنتاجية أكثر من 120 أسرة.

وقد نالت هذه المبادرات إشادة رسمية، حيث زار وزير الزراعة نتائج الحصاد في نوفمبر 2024 وأثنى على مساهمة الشركة في تعزيز الأمن الغذائي.

لم تقتصر مساهمات "شالكو" على مشاريعها المباشرة، بل حرصت أيضًا على إشراك الشركات الغينية عبر منحها عقودًا لتوفير الوقود، الزيوت، المعدات، والخدمات المختلفة، بما في ذلك الأمن. وقد ساهم هذا التوجه في خلق فرص اقتصادية جديدة وتقليص دوافع الهجرة غير النظامية.

أكد نائب رئيس "شالكو غينيا"، السيد محمد الأمين كيتا، أن الشركة تعمل كجسر بين الحكومة الصينية ونظيرتها الغينية، وأنها ملتزمة باحترام اتفاقياتها وبالقانون الغيني. وأشار إلى أن الشركة تخطط لاستكشاف مناطق جديدة شمال البلاد، مع السعي لتطوير مشاريع لتحويل البوكسيت إلى ألومينا، ما من شأنه خلق قيمة مضافة وخلق المزيد من فرص العمل.

تجربة "شالكو" في غينيا تؤكد أن الاستثمارات الأجنبية، حين تقترن بالمسؤولية البيئية والاجتماعية، يمكن أن تشكل رافعة حقيقية للتنمية المستدامة. ومع استمرارها في تعزيز البنية التحتية، دعم الزراعة، وتوفير فرص العمل، فإن "شالكو" تمضي بخطى ثابتة نحو مستقبل أكثر إشراقًا لغينيا، يجعل من منطقة بوفا نموذجًا يُحتذى في إفريقيا.

تصنيف الخبر

محلية ، اقتصادية