
مع اقتراب موعد العرض الوطني الرابع لغينيا أمام مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة في إطار آلية الاستعراض الدوري الشامل (EPU)، أطلقت منظمات المجتمع المدني الغينية صرخة تحذير قوية بشأن التدهور المستمر لأوضاع حقوق الإنسان في البلاد، داعية إلى إصلاحات جذرية وعاجلة تعيد الكرامة والعدالة للمواطنين.
ففي مؤتمر صحفي عقد يوم الثلاثاء 22 أبريل 2025 في كوناكري، أصدرت مجموعة من منظمات المجتمع المدني، من بينها "العفو الدولية غينيا"، و"المنظمة الغينية للدفاع عن حقوق الإنسان"، و"COLTE/CDE"، و"Wafrica"، بيانًا مشتركًا يرسم صورة قاتمة للوضع الراهن.
وأكد عبد العزيز جالو، ممثل منظمة CAFIDHE، خلال تلاوته للبيان، أن البلاد تشهد منذ عام 2021 "تراجعًا خطيرًا للحريات الأساسية، وإغلاقًا متزايدًا للفضاء المدني"، مشيرًا إلى القمع العنيف للمظاهرات السلمية، واستخدام مفرط للقوة من قبل قوات الأمن، ما أدى إلى مقتل ما لا يقل عن 44 شخصًا بين يونيو 2022 ومارس 2024، دون أن تتم محاسبة أي جهة.
ولم تغب حرية الإعلام عن هذا التقييم القاتم، حيث أشار البيان إلى "قمع ممنهج" لوسائل الإعلام، مع إغلاق محطات إذاعية شهيرة مثل FIM FM وEspace وDjoma، واعتقال نشطاء من بينهم عمر سيلا ومامادو بيلو باه، في ظل غياب أي تحقيق مستقل، ما يخلق مناخًا من الخوف والرقابة الذاتية في الأوساط الصحفية.
وطالبت المنظمات بـ"رفع فوري لحظر التظاهر، وفتح تحقيقات نزيهة في حالات العنف الأمني، ووضع إطار قانوني يحمي المدافعين عن حقوق الإنسان"، كما انتقدت "الفساد والتعتيم" في إدارة الموارد الطبيعية، لا سيما في القطاع المنجمي، حيث يتم تجاهل المجتمعات المحلية وعدم تعويضها بشكل عادل، بينما تُبرم العقود في سرية تامة.
وسلط البيان الضوء كذلك على تفشي العنف القائم على النوع، مؤكدًا أن "أكثر من 80٪ من النساء يتعرضن لأشكال متعددة من العنف"، بينما لا يتم الإبلاغ سوى عن أقل من 1٪ من حالات الاغتصاب، نتيجة الخوف والوصمة المجتمعية، في ظل ضعف ثقة النساء في النظام القضائي.
وفيما يخص حقوق الطفل، أعربت المنظمات عن قلقها من تفشي ظاهرة الأطفال المشردين وعمالة الأطفال، خاصة في المناطق المنجمية، مشددة على ضرورة الاستثمار في التعليم وتعزيز حماية الطفولة.
كما تطرق البيان إلى الأوضاع المزرية في السجون الغينية، التي وصفها بأنها "مكتظة وغير إنسانية"، داعيًا إلى تطبيق قواعد نيلسون مانديلا الأممية، وتبني بدائل للعقوبات السجنية، وتحسين الخدمات الصحية داخل السجون.
أما في المجال البيئي، فقد نددت المنظمات بـ"انعدام الرقابة على الأنشطة الصناعية"، مطالبة بتشريعات بيئية صارمة، وتفعيل قوانين مكافحة الفساد، ودعم الزراعة المستدامة.
واختتمت المنظمات بيانها بدعوة صريحة إلى "أفعال ملموسة، لا وعود فارغة"، مطالبة بترسيخ حقوق الإنسان في صميم السياسات العامة، وجعل استعراض 29 أبريل في جنيف نقطة انطلاق نحو مستقبل أكثر عدالة وكرامة في غينيا.