
في تصريحات نارية أثارت جدلاً واسعاً، عبّر الكاتب الغيني الشهير تييرنو مونينمبو عن خيبة أمله العميقة تجاه الوضع السياسي الراهن في بلاده تحت حكم الجنرال مامادي دومبويا. خلال استضافته في برنامج "على جسر الفنون" على إذاعة فرنسا الدولية (RFI) يوم الخميس 5 يونيو، لم يتردد مونينمبو في وصف النظام الحالي بأنه "عودة صريحة إلى عهد سيكو توري".
الكاتب المعروف بمواقفه النقدية الحادة، أشار إلى أن المجلس الوطني للتجمع من أجل التنمية (CNRD) فقد بسرعة الثقة التي حازها عقب انقلابه على الرئيس السابق ألفا كوندي. وقال: "حتى أنا كنت مرتاحاً لرؤية كوندي يرحل، لأنّه قام بانقلاب دستوري للحصول على ولاية ثالثة غير شرعية. لكن الأمل لم يدم أكثر من شهرين أو ثلاثة، ثم بدأ الانحدار".
بحسب مونينمبو، فإن الدولة الغينية تعاني منذ الاستقلال من غياب تام لاحترام الدستور، مؤكداً أن "رؤساءنا هم أول من ينتهك القانون، وما زال حكم الفرد والقرارات المزاجية هي السائدة، وهذا ما يمنع البلاد من التقدم".
وأضاف بأن ما يقلقه أكثر هو "عودة القمع، والاعتقالات التعسفية، والاختفاءات اليومية، وكأننا نعيش عهد سيكو توري من جديد"، محذّراً من أن المسار الذي تسلكه البلاد خطير للغاية.
لم يوفر مونينمبو فئة المثقفين في انتقاداته، إذ حمّلهم مسؤولية 90% من مآسي البلاد. وقال بلهجة قاسية: "هم من يصنعون جلاديهم. هم من صمتوا أمام استبداد سيكو توري، واليوم هم من يهيئون الأرضية لدومبويا ليبطش بهم. إنها لعنة حقيقية".
ويعزو الكاتب هذا "الاستسلام" إلى "الخوف، والانتهازية، والكسل الفكري"، مؤكداً أن المثقف الغيني لا يقوم حتى بالحد الأدنى من واجبه في الدفاع عن القيم الديمقراطية، ما يجعل كل تغيير رئاسي بمثابة سقوط في الهاوية.
كما وجّه مونينمبو انتقادات لاذعة لرجال الدين في البلاد، قائلاً: "في غينيا، يخاف الكهنة والمشايخ من الرئيس أكثر مما يخافون الله. إنهم يصلّون من أجل جيوبهم لا من أجل الجنة، ولا وجود حقيقياً للروحانيات في بلادنا".
وأضاف: "حتى المؤسسة العسكرية، لم يكن فيها من يمتلك شجاعة تنفيذ انقلاب إلا مامادي دومبويا، أما الآخرون فقد اعتادوا فقط على اغتنام السلطة بعد موت الرئيس. الجيش الغيني يخاف الموت أكثر من أي جهة أخرى!".
رغم الانتقادات الشديدة، عبّر مونينمبو عن تمسكه الشديد بوطنه، مؤكداً أنه لن يغادر غينيا مجدداً. وقال: "عشت 40 سنة في المنفى، لكن الشوق إلى غينيا لا يُطاق. أكتب لأنني أحب هذا البلد بجنون، وسأموت فيه".
وختم قائلاً: "لن أغادر وطني مهما كانت الظروف. سأخرج فقط لأسباب طبية أو لمؤتمرات، لكن حياتي ومماتي سيكونان في غينيا".