
في خطوة بارزة تعكس الحضور المتزايد لإفريقيا في الساحة القضائية الدولية، مثل القاضي الغيني محمد جاورا القارة الإفريقية في مؤتمر دولي رفيع المستوى، عقد في مدينة ستراسبورغ الفرنسية بمناسبة الذكرى الأربعين لتأسيس منظمة القضاة الأوروبيين من أجل الديمقراطية والحريات (MEDEL).
وقد عُقدت هذه المناسبة الهامة داخل قصر أوروبا، بحضور نخبة من كبار القضاة والخبراء القانونيين من مختلف دول أوروبا، بينما كان القاضي جاورا الممثل الوحيد لإفريقيا جنوب الصحراء، بدعوة رسمية باعتباره خبيرًا في مجال العدالة وحقوق الإنسان.
في كلمة مؤثرة ألقاها من على منصة المؤتمر، أكد القاضي جاورا أن "العدالة لا يمكن أن تزدهر دون حرية، ودون أخلاق، ودون استقلال حقيقي". مضيفًا أن القضاة في إفريقيا يشاطرون زملاءهم الأوروبيين ذات القيم، ويواجهون تحديات مشابهة في سبيل حماية سيادة القانون.
كلمة القاضي دياوارا لم تكن مجرد مجاملة دبلوماسية، بل حملت في طياتها رسالة واضحة باسم إفريقيا، التي ما زالت تعاني في بعض أقطارها من ضعف استقلالية القضاء وتدخل السلطة السياسية في المسار القضائي. وأكد القاضي الغيني أن "مسؤوليتنا كقضاة أفارقة كبيرة، وعلينا مواجهتها من خلال الوحدة والحوار والدعم المتبادل".
وقد أشاد الحضور الأوروبي، بحسب مصادر إعلامية، بتلك المداخلة التي اعتبروها "شجاعة" و"معبرة عن روح العدالة الكونية"، مشيرين إلى أن تواجد صوت إفريقي في هذا المحفل يرسخ لفكرة عالمية العدالة، ويعزز من التضامن بين القضاة في الشمال والجنوب.
خلال كلمته، وجه القاضي جاورا دعوة صريحة إلى منظمة MEDEL لتعزيز التعاون القضائي مع الدول الإفريقية، ودعم استقلال القضاء في الجنوب عبر تبادل الخبرات والدورات التكوينية المشتركة.
وقال في خطابه:
"نحن مستعدون للعمل يدًا بيد معكم، لتعزيز الروابط التي تجمعنا، والدفاع عن القيم العالمية التي تقوم عليها مهنتنا: النزاهة، الاستقلالية، الحياد، واحترام الحقوق الأساسية."
كما عبّر عن أمله في أن يكون الاحتفال بالذكرى الأربعين لتأسيس MEDEL نقطة انطلاق جديدة لمعركة عالمية من أجل عدالة مستقلة وإنسانية، لا سيما في ظل ما يشهده العالم من تحديات متزايدة تواجه الأنظمة القضائية والديمقراطية على حد سواء.
يُعد القاضي محمد جاورا من أبرز الوجوه القضائية الغينية التي برزت في المحافل الدولية خلال السنوات الأخيرة، حيث شارك في العديد من المؤتمرات الإقليمية والدولية حول سيادة القانون، وحقوق الإنسان، وإصلاح منظومة العدالة في إفريقيا.
ويحظى باحترام واسع داخل الأوساط القانونية الإفريقية، لما يُعرف به من نزاهة وشجاعة ومواقف مبدئية، خصوصًا في قضايا الدفاع عن استقلال القضاء ومحاربة الفساد داخل المؤسسات القضائية.
يأتي هذا الظهور القوي لمحمد جاورا في وقت تسعى فيه الدول الإفريقية إلى استعادة ثقة المواطن في القضاء، وإعادة بناء أنظمة قضائية عادلة وفعالة. وهي مهمة معقدة في ظل تحديات داخلية، من بينها ضعف الإمكانيات، والتدخل السياسي، ونقص التكوين.
لكن، كما أشار القاضي جاورا، فإن مستقبل العدالة في إفريقيا يعتمد على شراكات دولية عادلة، وتضامن قضائي عالمي، يحترم الخصوصيات الثقافية والاجتماعية لدول الجنوب، دون فرض نماذج جاهزة.
وفي ختام كلمته، قال القاضي الغيني بكل فخر:
"عاشت MEDEL! وعاشت العدالة الحرة والمستقلة! وعاش التضامن بين القضاة في جميع أنحاء العالم!"
بهذه الكلمات، اختتم جاورا مشاركته التي مثلت نقطة مضيئة في سجل العدالة الغينية والإفريقية، ورسخت مرة أخرى أن لإفريقيا صوتًا في المحافل الدولية، عندما تكون الكفاءة والالتزام بالعدالة هما العنوان.